من قُتلوا تعذيباً وقنصاً على الحدود التركية السورية في الأيام الماضية، انضموا إلى مئات السوريين ممن قتلهم حرس الحدود التركي لمجرد محاولتهم العبور، وأصاب عدداً أكبر منهم، ناهيك عن تعذيب عدد كبير وإهانتهم قبيل إطلاق سراحهم، ما يؤكد أن الجريمة ليست فردية، بقدر ما هي نهج شجعه غياب المحاسبة والمساءلة من أصحاب القرار التركي.
…2...
من المفيد التذكير بمقتل 11 فرداً من عائلة واحدة معظمهم نساء وأطفال عام 2016 (عند محاولتهم العبور إلى تركيا من بلدة خربة الجوز).
…3....
من يرى بأن القتل على الحدود هو من باب "القانون"، ويطالبنا بأن "لا نزعل من تطبيق القانون" ، فإنه وفقا لمقياسه، يتوجب عليه "عدم الزعل" من تطبيق القوانين على اللاجئين السوريين في لبنان، ومن بينها هدم مخيمات اللاجئين وانتشال خيمهم، وطرد من لا يملك إذن عمل ووثائق رسمية، والذي تفعله الدولة اللبنانية تحت بند القانون أيضاً، وهي الجرائم والانتهاكات التي نرفضها إذا كانت الجرائم والانتهاكات تنفذ تحت بند القانون..!! فكيف إذا كان الحال مع جريمة ليس لها أي مسوغ قانوني.
...4..
والسؤال المطروح، إذا كانت حوادث قتل المدنيين على الحدود قانونية، فلماذا ينكر الأتراك (مسؤولين ومواطنين) وجودها أصلاً..؟
…5....
القانون التركي ذاته يُعرّف سورية بأنها في حالة حرب، ولا يحق لحرس الحدود إطلاق النار على المدنيين القادمين منها بطرق غير شرعية، إلا في حال كان المتوجه إلى الأراضي السورية يُشهر السلاح بوجه العناصر الأتراك.
...6...
الأشخاص الذين يبررون القتل والتعذيب على الحدود اليوم، هم أنفسهم كانوا من مهاجمي الصحفية البلغارية التي ركلت أحد اللاجئين السوريين عندما قيامه باجتياز حدود بلادها (2015)، مع التنويه إلى أن هذه الصحفية تمت محاكمتها ومعاقبتها من بلادها (رغم بلغاريا محسوبة على الدول المعادية للاجئين).
…7...
المفارقة، أننا لم نرَ محاكمات أو حتى تداول إعلامي تركي لحوادث مقتل السوريين والانتهاكات المنفذة بحقهم على الحدود، بينما نرى في المقابل، أن أوروبا التي يهاجمها من يبرر قتل السوريين وتعذيبهم وظلمهم في تركيا، تشهد بشكل مستمر محاكمات لأشخاص ومدنيين تعرضوا للاجئين بزجاجات حارقة أو جرائم أخرى لا تقارن بما حصل مع السوريين على الحدود التركية خاصة.
...8...
في أوروبا تحصل إساءات للاجئين، لكن مع ذلك قادة هذه الدول ومسؤوليها يعتذرون عما يقع، وباب القضاء فيها يكون مفتوحاً على مصراعيه للمحاسبة، وهو ما ليس موجوداً في تركيا، إلا من باب الاستثناء الذي لا يقاس عليه.
...9...
أخيراً ما حصل مع الزميلين أحمد وعلاء بالأمس، يؤكد أم مشكلة العنصري في تركيا لم تعد في كراهيته لي، مشكلته اليوم أن لديه القدرة على إيذائي، وربما قتلي.
...10...
وبالمناسبة.. "منطق" أن اللاجئ يجب أن يتحمل مزاج الضيف وفضله، هو منطق القبيلة.. وليس منطق الدولة..!!
اللاجئ وفق منطق الدولة يتساوى في الحقوق مع مواطني الدولة والمقيمين فيها.. باستثناء الحقوق السياسية (الترشيح والانتخاب).
...11...
مشكلة كثير من السوريين الموالين لتركيا، خاصة بشقيهم الإعلامي و"المنظماتي"، أنهم يخلقون الأعذار والأوهام، ليبتعدوا عن توصيف الداء، ليصل بهم الأمر إلى تبرير الجريمة بحصول جريمة أكبر منها في مكان آخر، أو لأن المجرم ذاته له" "حسنات"..!! أو لظنهم أنهم يمارسون "سياسة" و"عقلانية".
...12...
من يدافع عن أردوغان و"جندرمته" بذريعة أنه يخدم الإسلام والدين، ليس أكثر من نسخة مكررة عمن يدافع عن بشار ونظامه بذريعة المقاومة والممانعة، وهي ذات المقارنة التي تصلح لمن يتحدث عن "النيل من الدولة التركية".. وذاك الذي تحدث عن "وهن عزيمة الأمة"..!!
...13...
غض الطرف وتبرير الجرائم ضد بلدك وناس.. بسبب تأييدك وتبنيك إيدلوجية وفكر المعتدي لهدف مصلحي، لا يقل فداحة وجرماً عن زميلك السوري الذي أيد بشار ونظامه.. لهدف مصلحي.. أو ربما طائفي وعقدي أيضاً.
بقلم
الصحفي السوري: ياسر العيسى